التسميات

الاثنين، 11 يونيو 2012

عن مدينة الجنـون

وكـُنت ُ - حينذاكَ -
يافعا ً مشاكسا ً حَرون
مسافرا ً في غيمة ٍ هتون
أحكي لصِبـْية ِ حَيـِّنا عن عالـَم ٍ مجنون
سميـِّتـُه ُ مدينة َ الجنون ..!
دائما ً أقصُّ عن مدينة الجنون
وكان أصدقائيَ الصغار يُذهلون
ويحسدونني ،
خياليَ الجريء يحسدون
لأنني مشرَّد ٌ ، لأنهم مشردون
فكيف لي -
وليس في خيالهم - مدينة الجنون ؟!
وكنتُ حين يطبق الظلام -
ودائما ً ما يطبق الظلام ،
أفـرُّ يا مدينتي إليك
مقبـِّلا ً يديك
وأدفن ُ- المبتلَ - وجهي َ النحيل في ثدييك
كنت ُ حينها أعيش في بروجك العظيمة
أقواسُ نصرك الحميمة ،
أحسـُّها كدفء شمسك الرحيمة
ما أجمل التذكار يا مدينتي القديمة
ما أجمل التذكار ..!
فبعد ألف هجرة ٍ وألف غربة ٍ
وألف ألف انتحار
يعود يا حبيبتي القطار
متعب ٌ وجائع ٌ أنا ..!
منهك ٌ وضائع ٌ أنا ..!
عيناك ِ يا حبيبتي وسادتين - كانتا
رغيفتين - كانتا
عيناك نبـع ماء
عيناك صمت ُ عاشقين للمساء
عيناك كوتان في الجدار
وطفلة ٌ تقبـِّل المزار
لو تعلمين كيف يُولد النـَّهار
أو كيف كيف تـُنبت  البـِذار
آهـ ٍ ولا أنا ..!
لكنني في ذات يوم ٍ بارد ٍ مهين -
وكلُّ يوم ٍ بارد ٌ مهين
وجدتـُني - كعادتي - محلقا ً كطائر ٍ حزين
أُبصرُ المدينة التي أضعتـُها سنين
وضِعتُ في سبيلها سنين.
                    الخرطوم أغسطس 1996م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق