التسميات

الأحد، 18 ديسمبر 2016

في أعالي الجنـان

  تصبحون الأكثر ضعفا ً وهوانا ً حين تتراجعون عن أحلامكم الكبيرة بسبب بعض العقبات. تكونون الأكثر غباء ً وبؤسا ً حين تتصالحون مع واقعكم البائس وأنتم تمنون النفس بالتعويض عن أحلامكم في أعالي الجنان. 
  الجنة ُ حق ٌ، ولكنها حياة ٌ أخرى وليس بديلا ً عن هذه الحياة. ثم قولوا لي : هل الإيمان الحق هو نتاج ٌ لتعثر الحياة وخيباتها ؟! صدقوني، إن مثل هذا الايمان محل ٌ شك ٍ كبير. 
استيقظوا ، قاتلوا من أجل أحلامكم.

الخرطوم - أكتوبر 2016
نشرت بذات التاريخ هنا

في انتظار الدينونة



إن التعاطي مع الحياة على أنها عالم ٌ مجازي ودار ٌ خربة نحن ضيوف ٌ فيها وطريق ٌ قصير ٌ محفوف ٌ بالمهلكات، يغرق الفرد في بحر ٍ من الأنانية المتسربلة برداء الايمان والسلبية المقدسة في تفاعله مع مشكلات الواقع. وهو أكبر مدمر ٌ للطموح والفاعلية المنتجة، فحين تنظر لكل ما حولك من حياة بعين الريبة والشك، ويكون مبلغ همك وعلمك البحث عن خلاصك الفردي يوم الدينونة، لن تعقل حينها من الحياة سوى عالمك الضيق الغريب المتعالي في بؤسه، لن تبصر من كل أوجه الحياة العريضة ما يستحق التكريم، وستسعد بطهارتك تلك دون أن تبصر زيفها، ستكون عدوا ً للحياة، وبدلا ً من أن ترفدها فستعمل على دمارها من حيث لا تدري. 
ارجوك، استيقظ أيها الأناني الكبير، عمـِّر الأرض فـ(خير الناس انفعهم للناس).
الخرطوم - سبتمبر 2016
نشرت بذات التاريخ هنا

حول النـقص والكمـال


   إن الكمال في أحد أبعاده يعني السكون. فجوهر الحياة هو النقص وما ينتج عنه من وعي وما يلزمه من حركة تكون في مجملها الحياة. الخوف، الألم، الأمل، الدهشة، الترقب والانتظار، تخيلوا أن حياتكم قد خلت من هذه الأحاسيس، فرحة اللقيا، ألم الفقدان، لذة الانتصار، مرارة الهزيمة، خوف الغد، ماذا بقي لكم من حياة ؟!

   تخيلوا أنكم خالدون الى أبد الآباد وأن طلباتكم كلها مجابة ٌ بمجرد أن تخطر على بالكم. لا أمل، لا عمل، لا سعي، لا انتظار، لا خوف، لا ترقب، لا سهاد، لا دموع. كل شيء حاضرٌ في خلودكم هذا، كل ما تجهدون أنفسكم في الحصول عليه الآن لا يحتاج منكم سوى أن يخطر ببالكم، ماذا بقي منكم ؟! بل ما هي أهمية وجودكم المادي والهدف منه ؟! ما هي الحكمة من هذا الوجود ؟! الزمن نفسه يصبح بلا معنى، فأيامكم كلها متشابهة، بل هي يوم واحد يمتد الى مالا نهاية.

  لا تلزموا السكون، تحركوا أيها الأعزاء، اصدروا الكثير من الضجيج واعملوا من أجل أحلامكم. لقد منحنا الحياة لاستنفاذها لا توفيرها. ثم تذكروا أن لا تضيقوا بتفاصيل حياتكم مهما بدت قاسية،  إنها أنتم تلك التفاصيل. بدونها لا وجود لكم، لا حياة، بل هو الموت.
الخرطوم - أكتوبر 2016
نشر بذات التاريخ هنا 

الخميس، 5 مايو 2016

انـفـــلات

    قال لي وهو يرنو نحو السماء بعينين يحدوهما الأمل: لو أن ّ الله َ يسخـِّره لنا فيقرضنا المبلغ، إذن لتغيـَّر الكثير..! 
ولم أعلِّق. كنت ُ أسير بجانبه وعيناي تعانقان الأرض وشيء ٌ ما يكتم أنفاسي. انتبهت ُ على نهيق حمار ٍ غاضب لأجد نفسي أمام الدكان المقصود وصاحبه يصيح في صبيـَة المحل محنقا ً. كانت أذناه الكبيرتان تدوران في الفراغ بلا هدف، بينما تدلى ذيله الطويل خلف الكرسي ذي المسندين مشعثا ً وقد علق به نبات "الحسكنيت". تهامسا هنيهة ً ثم عاد أخي، ولم أكن بحاجة لأسأله عن نتيجة المقابلة، قرأت ُ كل شيء ٍ في عينيه المكلومتين. سرنا هنيهة ً صامتين ليهتف في غيظ : هذا البخيل عديم المروءة. ماذا تعني له المائة جنيه وهو يملك الملايين ؟!. 
وجدت نفسي أخاطبه بصوت ٍ لا يشبه صوتي : ما ذنب ُ الرجل لتشتمه يا أخي ؟! ما حدث هو أن الله لم يسخـِّره لنا. 
توقف (عبد الجبـَّار) بحركة ٍ حادة ٍ محدِّقا ً في وجهي بغرابة، لم يكن حينها أخي، أسرعت ُ أشيح ُ بنظراتي عن عينيه الجهنميتين مرتعبا. وفي المساء رأيتني أقاد ُ إلى سيف البحر لتضرب َعنقي.

الخرطوم مايو 2016م   

الأحد، 3 أبريل 2016

وكنـَّا تلاتـة


العصفورة ْ الحلوة ْ  الـ رَّكـَّت ْ
بين أغصان ْ الإلفة ْ اتختـَّـت ْ
صوت ْ تغريدا وبلـْسم ْ إيـَّدا
هـَادِل ْ
قـَادِل ْ
جـوَّه دروب ْ الروح ْ متماهل ْ
يلثـم ْ زهرة ْ ويقطف ْ وردة ْ
ومن ْ حوليهو النور ْ اتشتـَّـت ْ ..!
من ْ وين ْ جيتي يا أحلى قصيدة ْ ؟!
يا أحلام ْ يا أجمل ْ ريـدة ْ
قبلك ْ صورة ْ الصورة ْ بعيـدة ْ  
وشوف ْ الشوق ْ حيران ْ يتلفـَّت ْ
وكنا تلاتـة ْ ،
لمـَّه ْ الوسـخ ْ انداح ْ في الشـَّارع ْ
لمـَّه ْ اتمطى الدجل ْ البارع ْ
كنـَّا تلاتـة ْ
أولاد ْ نـاس ْ
طيبين ْ وظـراف ْ
لا اتشـوَّهنا
ولا اتمـوَّهنا وصوت ْ الحق ْ في قلوبنا اتسكـَّت ْ ..!
واحد ْ أحمـر ْ قاطع ْ ، لمـَّه معسـِّل ْ
وواحد ْ جـد ْ خجلان ْ للحاصـل ْ
يحـوقل ْ يبسمـِل ْ
شايـل ْ السـِّلـْكَة ْ يحـُك ْ ويغسـَّل ْ
ده ْ أجمل ْ زول ْ ، أنا شفتـو يلمـِّع ْ
وفي آيات ْ الرحمة ْ يسمـِّع ْ
وكان ْ التالت ْ جـد ْ مدرَّوِش ْ   
قال ْ الكون ْ محتـاج ْ ادَّوْزَن ْ
بالتنباك ْ وضفيرة ْ سوسـن ْ ..!
كنـّا تلاتة ...
وترْيانين بي ريدك وحبـِّك ْ
كنت َ كتيـِّر محتـاج لي قربكْ
كان النور مشهادك ودربك ْ
وكان الصوت الماطر سربك ْ
والدرويش الباتع حِـبركْ
كايس سـِبـْرك ْ
عايز ْ أفهـم ْ أيـَّه الحاصل ْ
ووين الطار والغيم الواصل ْ
ومـِن ْ ويـن ْ يبدأ الحـد ْ الفاصل ْ
بين ْ النور ْ وسواد ْ الضَّلـْمَة ْ..؟!
...................
الخرطوم – أبريل 2016م