التسميات

السبت، 23 مارس 2013

امـرأة ٌ علـى قـوقـل بلـس 3

  7

    لم تكن حياة (بريدة) تختلف عن حياة رفيقاتها في أرض المملكة الواسعة كثيرا ً، فلقد كانت تؤمن بما يؤمن به سائر قومها وتعتنق ما يعتنقه الجميع من قيـم اتفق الناس في تلك البقعة المقدسة من الأرض على أنها تمثل الدين الحق وصراط الله المستقيم وخطته التي ارتضاها لعباده من أجل حياة ٍ قويمة تدلف بصاحبها إلى أعلى الجنان. فكانت الصبية ولـدَّاتها تجسيداً حيا ً لرؤية قومها لما يجب أن تكون عليه حياة الفتاة المسلمة في قيامها وقعودها ومشيها وحديثها إن تحدثت.
   ولم تكن نعمة الله التي أنعم على الفتاة وزانها بها من جمال ٍ باهر وعذوبة ٍ في الصوت ليمنحها التفرد أو الإحساس بالتميز على أي ٍ من صويحباتها في الحي الذي تسكن أو وسط أقاربها ومعارفها، فلقد ظل ذلك الجمال الباهر والأنوثة الفوارة حبيسة الجدران الأربعة لسنوات ٍ عدة لا يخرج إلا لضرورة ٍ قصوى كما يقضي الشرع. وإذا ما خرجت الصبية الساحرة من بيت ذويها ذات يوم ٍ لبعض شأنها مما يباح لها الخروج  فيه وهي ترتدي زيها الشرعي ، لم يكن المارة يبصرون منها سوى كتلتها القائمة في عباءة ٍ سوداء سابغة ٍ ونقاب ٍ كثيف، فتبدو الفتاة كتل ٍّ صغير ٍ متحرك ٍ غير واضح المعالم لا يلبث أن يذوب ويتماهى وسط التلال الأخرى التي تشاركها الطريق فتلوح النساء في مجملهن للناظر كقطيع ٍ من مخلوقات ٍ سوداء َ غريبة  تدب ُّ على الأرض وتشارك ساكنيها حياتهم. وحتى النساء اللائي يدلفن إلى المنزل بعض الأحيان، لم يتيسر لهن رؤية نعمة الله على الصبية الساحرة وما حباها به من جمال ٍ باهر ٍ والتعليق عليه بما يسعد قلب صاحبته ويشعرها بالتقدير، إذ كانت (بريدة) لا تقابلهن إلا وهي ملتاثة بخمار ٍ عريض في عباءة ٍ سابغة، فلقد ورد في الأثر أن من النساء من تطلع على محاسن العذارى فتصفها للرجال فتكون الفتنة وتسقط صاحبتها في الإثم. فتديـُّن الفتاة العميق والتزامها بما أمر الله يجعلها تتحرز من كل شيء وتخاف اللا شيء وتتابع في شغف ٍ طموح البرامج الدينية التي يبثها التلفاز وتحفظ وتعمل بكل ما يفتي به فرسان الكلمة من علماء المملكة عن أدب الفتاة المسلمة وخطورة السفور وضرورة التحرز من مكامن الفتنة والبعد عن مواضع الشبهات. وحتى أحلام الفتاة التي تمليها عليها الطبيعة وما جره عليها أبواها من مخالفة أمر الله وأكل الشجرة المحرمة في ذلك اليوم البعيد، كانت أحلاماً مبهمة ً وغامضة. وفي الكثير من الأحيان لا يكون بطل ذلك الحلم سوى لحية ٍ كثة يعلوها شارب ٌ محفوف يترآى للصبية النائمة دون أن تتبين وجه صاحبه ولكنه كان كافيا ً لحصول المراد. وكثيرا ً ما يفزعها ذلك ويشعرها بالإثم فتصحو من نومها فزعة ً تستغفر الله في حرارة وهي ترجو كريم عفوه. فرغم علمها بأن الحلم ليس بيديها ولم يكن من اختيارها إلا أن ذلك الألم الممتع أو المتعة الأليمة التي تطويها في بعض الأيام إذا ما وقفت في الحمام تغتسل وتدلك جسدها الريان تجعلها تحس ُّ بالكثير من الذنب وتظن أن لذلك علاقة ما بتلك الأحلام الخبيثة التي تطاردها إذا ما جن َّ الليل وأوت إلى فراشها، فتبكت الفتاة نفسها وتتهمها بالبعد عن الصراط السوي.
   ظلت الفتاة على تلك الحال زمانا ً طويلا ً إلى أن هيأ لها الله أن تحل على مدينة "قوقل بلس" وتصبح من سكانها الدائمين. كانت مشاركاتها في مجملها تنادي بذات ما تؤمن به (بريدة) من أخلاق الفتاة المسلمة وضرورة لبس النقاب الشرعي وذم السفور ونشر الأحاديث والمأثورات التي تأمر بذلك وتنذر غير المنقبات بعذاب ٍ من الله شديد. الكثير من شبان "قوقل بلس" طلبوا صداقة القادمة الجديدة وأخذوا يتابعون مشاركاتها بكثير ٍ من الاهتمام، فيعجب بعضهم ويعلق البعض الآخر بما يسعد القلب المحروم. وتمر الأيام على الفتاة بالكثير من السعادة ولذة التواصل مع بني جنسها من الآدميين والاحساس المفعم بالتقدير من جانبهم. سعادة ٌ لم تختبرها (بريدة) من قبل فنعمت الصبية بالكثير من الثقة بالنفس كانت تفتقدها ونما إحساسها بذاتها وأهميتها في الكون العريض شيئا ً فشيئا وتلاشى الخوف والحذر الذي كان يقف عائقا ً بينها وبين الآخرين واضمحلت تلك الريبة المقلقة التي بصرت بها الجنس الآخر طوال سنين حياتها السابقة فتعرفت الصبية الجميلة إلى (الفارس النخعي) ذلك الشاب الوسيم حليق اللحية عذب الكلمات متفرد التعليقات وأخذت تدردش معه على "الخاص" دون أن ترى بأسا ً في ذلك. وتمددت حبال الوصل بينهما في تناغم ٍ مبهر دون تكلف ٍ من جانبها وأخذت المسافة بينهما تتناقص في تتابع ٍ محموم إلى أن أباحت الفتاة لنفسها أن تفتح الكاميرا وتحادثه وجها ً لوجه وهي ترتدي نقابها الشرعي الكثيف لا يظهر لمحدثها منها سوى تل ٍّ صغير ٍ من السواد الساكن مطمئنة إلى أنها بتلك الخطوة لم تخرج عن الجادة أو تخالف أوامر الله. وانفجر (الفارس النخعي) يومها بالضحك وهو يعلق على ذلك بقوله : ما الفائدة إذا ً من هذه الخطوة إذا كنا سنتحاور هكذا ؟!
ورغم أن الفتاة رفضت الكشف عن وجهها كما طلب محدثها تلك الليلة إلا أنها وجدت اعتراضه في منتهى المعقولية والمنطق حين وزنته بميزان العقل المحب. كما أن مكانا ً من قلبها يدعوها للتباهي ببعض ٍ مما أنعم الله عليها وظل َّ في دائرة الاهمال لأكثر من ثلاثين عاما ً. كانت العذراء في داخلها تتوق لكلمة إعجاب ٍ مخصوصة ٍ تشعرها بسحر أنوثتها وتفردها وأهميتها ككائن منفصل عن الآخرين، أنثى ساحرة تنتزع إعجاب الجنس الآخر واهتمامهم. كانت (بريدة) تتوق لسماع كلمة حنان ٍ دافئة ومشاعر فياضة يوليها إياها أحدهم لشيء ما يخصها هي وحدها ولا تملكه الأخريات.
   وبدا وكأن (الفارس النخعي) قد اطلع على أحلام الصبية المحرومة فأخذ يزجيها من الحديث أعذبه ويسقيها من الحنان والاهتمام أغلاه. وتمر الأيام لتتحلل الفتاة عن دثارها شيئا ً فشيئا والشاب يحضها على ذلك رفيقا ً بها حينا ً وعاتبا ً لائما ً هاجرا ً بعض الأحيان وهي في سكرتها لا تعي إلا دين المحبوب، إلى أن كشفت الصبية عن ما لا يجوز كشفه بعد أن اغلقت على نفسها باب حجرتها بالمفتاح من الداخل.
   في ذلك اليوم جف َّ ريقها واشتعل جسدها بنيران ٍ لم تعهدها من قبل وكان لهذا الكشف أثره المزلزل على الجسد المحروم فلقد سما بصاحبته إلى عوالم أخرى لم تكن تدري عن وجودها شيئا ً وما خطرت على قلبها في غابر الأيام. وتحالف الجسد المشتعل والحبيب الجريء ضدها لتخطو الصبية خطوات ٍ أخرى أكثر جرأة ً نحو اللذة المحرمة.
   في بداية ذلك التواصل الغريب لم تكن الفتاة تعقل من كل ما يحدث سوى اللهب المشبوب الذي يتراقص فوق جسدها إذا ما أدلهم َّ الليل، وكثيرا ً ما تختلي بنفسها وتستعيد تلك المواقف الحميمة فتجد لذلك لذة ً لا تقل عما وجدته في الحقيقة، وكثيرا ً ما كانت تتعجل قدوم المساء لتغلق عليها حجرتها وتختلي بالحبيب، ولكن شيئا ً فشيئا أخذ الإحساس بالذنب يطويها وهي تستمع للآذان يصدح من بيت الله القريب خمس مرات ٍ يوميا ً مذكرا ً بوجوده. ويوما ً بعد يوم لم تعد (بريدة) راضية ً عما تفعل ويؤرقها إحساس ٌ عظيم ٌ بالذنب يدفعها في كثير ٍ من الأحيان لتختلي بنفسها وتغرق في نوبة ٍ حارة ٍ من البكاء. ويشتد نواحها حين تستحضر مشاهد الجحيم وما أعده الله للساقطات من حفر النيران العميقة، فتغرق سائر نهارها في الألم والرعب المميت. وحين تجلس الفتاة إلى أسرتها في بعض الأحيان ويلوح أمام عينيها ما تخفيه من سر ٍ مشين يمكن أن يعلمه أحدهم بطريقة ما ، ترتجف فرقا ً وهي تتمتم بدعاء حار تسأل الله الستر. كل ذلك كان يتطاير هباء ً حين يأتي المساء فتطير العاشقة إلى معشوقها بغير جناح وتغرق بين الأمواج المتلاطمة فلا ترى من دنياها إلا ذلك العباب. وظل التنازع المؤلم يتجاذبها بين براثنه أياما ً وليالي ففقدت شهيتها للطعام ولم يعد النوم يزور جفنيها إلا لماما ً فهزل جسمها وشحب لونها وهي لا تزال تسير على الطريق المتعرج كما النائم.
   ظلت (بريدة) على تلك السيرة ما شاء الله لها أن تظل، إلى أن عقدت العزم على التوبة النصوح والبعد عن ذلك اللهب المشتعل بعد أن أهلكها عذاب النفس، فقررت الرضا بحياتها التي أعدت لها من قبل وتسليم أمرها إلى الله والانتظار مثلها مثل سائر نساء قومها ليوم زفاف ٍ مشهود لا يعرف متى يحين أوانه أو من يكون فارسه ولكنه سيبعدها بالتأكيد عن هذا العذاب ويمنحها المودة والرحمة والسكينة التي وعد الله بها المتقين. وكي لا تضعف وتتراجع الفتاة عن قرارها القويم استقبلت الكعبة الشريفة بوجهها وتوضأت باهتمام ذلك اليوم وهي تستحضر شخص النبي الكريم كما يصوره عقلها وصحابته الأبرار يحفون به ودموعها تنهمر ثم ارتدت زيها الشرعي وحملت مصحفها الصغير وطلبت من أمها أن تصحبها إلى بيت الله الحرام.
   هنالك بكت الفتاة كما لم تبك ِ من قبل وهي تناجي الله دون أن تجرؤ فترفع رأسها إلى سمائه، بل ظلت عيناها تلامسان الأرض في تذلل يحفه الإيمان. أخذت الصبية المعذبة تناجي ساكن السماء ودموعها الصادقة تجري على خديها مدرارا ً معترفة بذنبها راجية كريم عفوه طامعة ً أن يعينها على السير في الطريق المستقيم. ثم وضعت الفتاة يدها على المصحف الشريف لتشهد الله وملائكته وحملة عرشه على توبتها النصوح وأنها لن تعود لمثله أبدا ً ثم كرت قافلة ً إلى بيتها وقد احمرت عيناها من كثرة البكاء وهي تحس بالسكينة والاطمئنان بينما غرقت الأم في دهشة ٍ عظيمة ٍ مما يحدث لها.
   ولم يكن مثل هذا القرار بالأمر الهين على المارد الذي استيقظ فجأة ً بعد بضع وثلاثين عاما ً من الكمون، إذ كثيرا ً ما كان الجسد المسعور يحاول التمرد على ذلك القرار الجائر، فتتنمل الأطراف وتتهيج بعض المواضع وتلسع بعضها حرارة ٌ مؤلمة ولكن القسم العظيم الذي اقسمته (بريدة) في بيت الله الحرام حيث مقام النبي (إبراهيم) وملائكة الرب، وقف منجاة ً بينها وبين معاودة الكرة. ولم يرض َ الشاب العاشق بخطتها تلك حين أفضت إليه بما عقدت عليه العزم بل ظل يلاحقها بالرسائل الخاصة التي تحتوي على الكثير من العبارات التي تنضح بالإثم. ولم تكن المسكينة تفعل شيئاً سوى البكاء والنواح كلما ولجت إلى "قوقل بلس" ووجدت تلك الرسائل التي تذكرها بما كان منها من ضعف ٍ ممقوت وسقوط ٍ مخز ٍ في غابر الأيام، فتحولت حياة (بريدة) إلى جحيم ٍ مستعر.
   ورغم ذلك لم تفكر الفتاة في ترك الموقع والفرار بجلدها من ذلك الماضي الذي أنقض ظهرها إذ أن تلك المدينة الافتراضية أصبحت جزءاً مهما ً منها ، جزءٌ عزيزٌ من عقلها وقلبها ووجودها ، ففي  "قوقل بلس" فقط أحست الفتاة بمعنى الإنتماء، ومع سكان "قوقل بلس" وحدهم ذاقت  الفتاة حلاوة التقدير من الآخرين وما يثمره التفاعل معهم من سعادة، وعبر "قوقل بلس" لا غيره خبرت الفتاة الاحساس المفعم بالذات ومتعة التفرد بل وجدت لوجودها في الحياة هدفا ً ومعنى. فـ "قوقل بلس" أصبح حياتها التي لا حياة لها غيرها فكيف تترك حياتها لتعود كتلة ً سوداء ساكنة تقضي يومها بين أربعة جدران أو تخرج مخفورة لتتماهى وسط الآلاف من الكتل السوداء المتشابهة. إن مغادرتها لـ "قوقل بلس" تعني موتها غير المعلن، موت روحها.
   وحين فاض بها العذاب وأجهدت العقل تلك المطاردة القاسية المثابرة أقدمت الفريسة على خطوتها الجريئة تلك وكأنها تختار الموت ملجأ ً من تلك المطاردة المهلكة والهروب غير مأمون العواقب، فنشرت (بريدة) في ساحة المشاركات للعامة ما يطلبه (الفارس النخعي) منها مصحوبا ً بالرابط الذي يثبت صدق حديثها. وانهالت التعليقات من سكان "قوقل بلس" تستنكر فعل الرجل وتشيد بعفة الفتاة وكرم أخلاقها وصدق تدينها ودعا الكثيرون الله أن يسقي الصبية العفيفة من "حوض الكوثر" جزاء ما حفظت عرضها ودينها. ولكن لم تمض ِ سوى دقاق معدودة حتى جاء رد (الفارس النخعي) على ذاك الاتهام بما يفوق كل خيال. فاجأ الشاب جميع سكان "قوقل بلس" برد ٍّ لم يكن ليخطر لأحدهم على بال. يقول (عبد الله السوداني) وهو يقهقه ضاحكا ً أن ذلك الرد لا بد َّ أن يكون قد فاجأ (إبليس) نفسه. بينما أخذ (الحسن الناصري) يسترجع ويحوقل بعدد أصحاب الإمام (الحسين) يوم الواقعة. فلقد أوضح (الفارس النخعي) أنه ما أراد بذلك الطلب الذي ينكره عليه المنكرون إلا مرضاة الله ورسوله ونصرة آل بيت النبوة عليهم السلام ومذهبهم القويم، إذ كان يريد كما قال أن يسجل على تلك الوهابية ما يشينها من مشاهد التعري ليهددها به إذا ما تعرضت لمذهب آل البيت أو ناصرت فلول "حزب البعث العراقي" أو أحيت ذكرى رئيسه الهالك في مقبل الأيام. قالها الشاب في بساطة فهو لم يأت ِ بجديد بل استعمل سلاحه السري الذي أرغم في السابق أنوف الكثير من الوهابيات على "قوقل بلس" في التراب وجعلهن يتأدبن صاغرات أمام ذكرى استشهاد (أبي عبد الله) عليه السلام ولا يتدخلن بتعليق ٍ يشوش تلك الذكرى المقدسة ولكن قضى الله أن لا تسقط الفريسة في الشرك هذه المرة مثل سابقاتها. هكذا جاء رد (الفارس النخعي).  
   وهبط البؤس والوجوم على الجميع وهم يطالعون هذا الإيضاح المعتم وفاحت رائحة ٌ منتة ٌ فاءت على  "قوقل بلس" وانتشرت في أكثر من عشرين دولة ٍ ليخيم الحزن على آلاف المدن والقرى والفرقان فتئن القصور والفيلات وبيوت الطين وأكواخ القش بالألم والاستنكار. الكثير من الفتيات في تلك الأمسية كن يمررن على المشاركات في ذهول ٍ واجم ويشرن عليها بالإعجاب دون أن يعقلن ما أعجبن به. الكثيرات منهن أغلقن على أنفسهن باب الغرفة من الداخل وأخذن يتابعن ساحة المشاركات ودموعهن تنهمر وقد أسود َّ الكون أمام أعينهن. كان وضعا ً غريبا ً لم يحدث لسكان "قوقل بلس" من قبل فزلزلت الأرض تحت أقدامهم حتى لم يعودوا يعقلون. أقر َّ (حليم المصري) لاحقا ً أنه غرق في نوبة ٍ عارمة ٍ من البكاء طيلة تلك الأمسية وهو يشارك شعبه اعتصامهم في "ميدان التحرير" ويتابع ما يثار على  "قوقل بلس"عبر هاتفه الجوال وظن رفاقه المناضلون أنه يبكي طلبا ً للحرية، بينما لم يكن هو يدري ما يبكيه بالتحديد. وأنزل (شاعر العترة الشريفة) قصيدة عمودية صاغها على عجل تحض َّ على مكارم الأخلاق وتذم السفهاء مطلقا ً دون أن يشير إلى خصومه الوهابيين كما درج على ذلك في أشعاره السابقة. الكثيرون من سكان الموقع بعد ذلك أنزلوا مشاركات لا علاقة لها باهتماماتهم في غابر الأيام وما كانوا يبشرون به وكأن ما نزل من خطب قد أفقد عقولهم إتزانها فأبعدها عما كانت تحسبه جادة الطريق إلى ضده. فمن كان يزرع الفرح من قبل في ساحة المشاركات نحا نحو الجدية والرزانة وأخذ يذكر الموت في مشاركاته وعذاب القبر وكأنه يخشى ما يمكن أن يجره عليه مرحه السابق من ويلات. أما الذين لم يعرف لهم من قبل أدنى اهتمام بالإبتسامة والمرح فلقد نحو في مقبل الأيام نحو الفكاهة وترديد الطرائف وكأن ما نزل من خطب أنساهم وقارهم، أو أجبرهم الألم العظيم الذي غرق فيه الجميع على محاولة بذل الجهد لتخفيف حدته. وحتى (الثائر أبو عمار) نسي أرضه السليبة وأحزان اللاجئين والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية لتأتي مشاركاته اللاحقة تتحدث عن الحيوانات الأليفة كالأرانب والقطط وطيور الزينة وطرق تربيتها والاعتناء بها ومقدار ما يمكن أن تدره على صاحبها من أموال. كما لم يلبث (مردوخ) في ساحة المشاركات تلك الأمسية إلا دقائق معدودة لم يهتم فيها بالرد على السب واللعن والتجريح الذي كاله له الكثيرون معلقين على مشاركته السابقة التي تشير إلى بعض الأصول الوثنية للأديان السماوية  بل خرج من الموقع بعد اطلاعه على منشور (الفارس النخعي) وهو يحس بالكثير من المرارة ولم يعد إلى ساحة المشاركات إلا بعد أسابيع ٍ عدة.
   ينكر (عاشق المختار الثقفي) وجماعته من الموالين أن يكون (الفارس النخعي) من شيعتهم ويقولون أنه وهابي ٌ نجس ٌ يريد أن يلوث مذهب آل البيت عليهم السلام بتلك الفرية. كما يتبرأ منه جماعة (أسد السنة القرشي) وينسبونه إلى خصومهم الشيعة مستدلين على ذلك باسمه وما زعمه من دفاع ٍ عن مذهب التشيـُّع. بينما يصر الشاب على أنه من عترة النبي الأطهار وأن من عادوه الآن وعابوا عليه خطته في الدفاع عن آل بيت النبوة وانحازوا إلى تلك الفتاة الوهابية هم في حقيقتهم نطف ٌ منتة ٌ يعيدون ذات التاريخ القديم مناصرين لأهل الجور والظلم كما فعل آباؤهم حين خذلوا جده (الحسين) عليه السلام وأسلموه لسيف (يزيد) اللعين ، فأخذ الشاب يدعو عليهم وعلى آبائهم لعدة أسابيع بسوء العذاب مستنصرا ً بجدته (الزهراء) وبنيها والسر المستودع فيها. ولكن الرواية التي أخذ بها الجميع كحقيقة بعد عدة أيام وأخذوا يرددونها في يقين ٍ لا يدانيه شك رغم أن لا دليل عليها ولا يعرف من نسجها هي أن (الفارس النخعي) اسم ٌ مستعار ٌ لأحد أحفاد ابن السوداء اليهودي (عبد الله بن سبأ) تسلل إلى "قوقل بلس" ليكمل ما بدأه جده الملعون قبل عدة قرون من اشعال الفتن بين الأخوة في العقيدة. أما (بريدة) فلقد كان ذلك المساء هو آخر عهدها بالموقع وسرت شائعة ٌ تقول أن الفتاة قد تجرعت السم واختارت أن تضع حدا ً لعذابها. ومنذ تلك الأمسية انتشر بين ساكني "قوقل بلس" مصطلحا ً جديدا ً مهولاً ومرعبا ً ، إنه "السلاح السري" كما سماه (الفارس النخعي) فاصبحت العلاقة بين الجنسين تقوم على الكثير من الشك وسوء الظن ويشوبها الخوف والحذر وغير ُ قليل ٍ من التربص.
الصفحات (86 - 95) من رواية (امرأة على قوقل بلس) - "فبراير 2013م - يوليو 2013 م"

الثلاثاء، 5 مارس 2013

امـرأة علـى قـوقـل بلـس 2

5

   حواراتهما الخاصة في ذلك الواقع الافتراضي كانت افتراضية بحق إذ لم تكن تشبه نظيراتها مما تحدث غالبا ً بين سكان موقع "قوقل بلس"، فما تساءل يوما ً عن لون عينيها أو شكل أنفها أو كيف تجلس أو ماذا ترتدي من الثياب ولم يهتم أن يعرف إن كان شعرها منسدلا ً أم مضفورا ً. بل بدا وكأنه لا يهتم كثيرا ً إن كانت محاورته فتاة كما تدعي أم فتى يختفي خلف اسم فتاة كما هو شائع ويفعله الكثيرون من سكان "قوقل بلس" ، والأخيرة تلك تجعل البعض يحتجون به ليقنعوا الفتيات بفتح "الكاميرا" ليحاوروهن وجها ً لوجه ولكنه لم يفعل أي من ذلك بل يبدو أن شيئا ً منه لم يخطر بباله. كل ذلك كان يتوافق مع تربيتها الدينية الملتزمة ويجعلها تشعر بالكثير من الطمأنينة إليه فتغرق في محاورته حتى ساعة ٍ متأخرة من الليل. كان يندفع عازفا ً على "الكيبورد" لينقل لها بعض أركان دينه المحرف، ذلك الذي أنزله الشيطان على الكافرين من وراء البحار وأدخله بعض منافقي القبيلة وأخذوا يبشرون به سرا ً بين المضارب في غفلة ٍعن أعين السلطان. لم تكن (زهرة) تدري ما الذي يدفعها لمحاورة مثل هذا الرجل الافتراضي البائن ضلاله وفساد عقيدته، ولماذا تجلس إليه كل هذه الساعات الطوال لتسمع ما لا يروقها من أمور مهلكة تمس العقيدة وقد تردي بصاحبها إلى النار. وكيف تستسيغ مثل هذا الحديث وتتابعه دون ملل، بل تتدخل أحيانا ً ببعض التعليقات التي تجعلها تغرق في إحساس ٍ مرعب بالذنب في نهاية الجلسة حين تستعيد نقاشهما فتجد أنها تشاركه في الإثم فتقضي بقية ليلتها تلك تدعو الله أن يغفر لها ويبعد عنها كيد المنافقين ثم تعزم أن لا تعود لمحاورته في مشاركة خاصة أبدا ً ثم لا تلبث أن تطوي الأثير لتهديه تحية المساء فيجيبها بأحسن منها ثم لا ينفك يتلو بعض ما جاء بذلك الكتاب الشيطاني كلاما ً يأكل العقل ولكن قلبها يرفض ما يسميه "ميثاق الحقوق الأساسية" فهو يجعل صبيان بني أمية يستوون مع عترة المصطفى الأخيار في الحقوق والواجبات وهذا ما لا يمكن أن يقول به مؤمن.
   في تلك الأمسية اشتعلت ساحة المشاركات بمعركة ٍ ضارية قوامها أرض (فدك) وهي ميراث (الزهراء) عليها السلام كما يقول (عاشق المختار الثقفي) بينما كان المعسكر الآخر وعلى رأسه (أسد السنـَّة القرشي) يرى أن الأنبياء لا يورثون. تجاوزت التعليقات الخمسمائة تعليق ولم يصل القوم إلى نقطة إلتقاء. كان عقلاؤهم من الجانبين لا ينفكون يلصقون الرابط تلو الرابط لمواقع ألكترونية صديقة يرون أهميتها في نصرة آرائهم وإثبات أحقية (الزهراء) عليها السلام بميراث أبيها أو صحة ما قضى به (الصديق) رضي الله عنه، بينما صغار القوم من الجانبين يسب بعضهم بعضا ثم يلعن كل منهم شيوخ البعض الاخر متهمهم بالكفر البواح والارتداد عن دين الله القويم. وانفجر الوضع حين اقترح أحد المتداخلين الخبثاء أن تقيـَّم أرض (فدك) بالدولار الأمريكي اليوم ويحال ثمنها بحوالة مصرفية من (أسد السنـَّة القرشي) إلى (عاشق المختار الثقفي) وجماعته في أي من البنوك التي يقترحون، عندها انفجر الجحيم وأصبح العقلاء هم المجانين وانقلبت الرصانة إلى سفاهة ٍ داعرة لتتداخل التعليقات في سرعة البرق تشق الفضاء لتتجسد على الشاشات اللامعة في أكثر من عشر دول وتتطاير لعنات وسباب وقذف في الأعراض  في سخاء ٍ عربي غشوم. إذ رأى جماعة (عاشق المختار الثقفي) أن هذا الاقتراح اهانة تتجاوزهم لتطعن في المعصومين أنفسهم عليهم السلام وتصبح القضية وكأنها حرص من (الزهراء) المطهرة على عرض الدنيا الفاني بينما رأى (أسد السنـَّة القرشي) وجماعته أنهم لن يتنازلوا عن شيء لعملاء المجوس كما يسمون خصومهم. وذاك المتداخل الخبيث لا ينفك يكرر حرف الهاء بين التعليقات الدامية في ضحكات شيطانية افتراضية خبيثة، ثم بدا له أن يغيظ جماعة (أسد السنـَّة القرشي) فألصق رابط لفيديو يسجل زيارة أحد كبار (الآيات) لأرض (فدك) قبل نحو أربعة أعوام وتتبعه الكاميرا وهو يتجول متفقدا ً الحائط مع مترجمه كصاحب حق ٍ أصيل ثم يغترف غرفتين من ماء بئرها المقدس وقد بان على محياه الكثير من السرور. وما كادت تلك اللقطة تظهر حتى أخرجت الأرض أثقالها في ساحة المشاركات وحمي وطيس القوم على "قوقل بلس" فأرسل الشاب المشاكس قهقهاته عبر الأثير ههههه.
   تشك (زهرة) حينها أن ذاك المتداخل الخبيث لا بد أن يكون ممن يعتنقون الدين الجديد ذلك الذي انزله الشيطان على قوم ٍ من وراء البحار في كتاب سموه بـ"وثيقة الحقوق" أدخله منافقو الربع بين المضارب وراحوا يبشرون به حتى أضلوا الكثير من شبان القبيلة. بينما رأى متداخل آخر ينشد الاصلاح أن صاحب التعليق لا شك من يهود (خيبر) الذين أجلاهم الرسول الأكرم عن أرض (فدك) المتنازع عليها الآن ويريد أن يثأر لأجداده بإشعال الفتنة بين الأخوة في العقيدة. بينما تساءل مشترك آخر أوسع خيالا ً من سابقيه عن احتمالية أن يكون المعلق هو الشيطان نفسه، فما الذي يمنع ذلك الخبيث من سرقة (لاب توب) من أحد المحال التجارية ليتدخل معلقا ً على المشاركة ويشعل الفتنة بين الآدميين، خاصة ً أن له سابقة مثلها مع أبويهم عند بدء الخليقة. ولكن أي من الجانبين لم يلتفت لذلك ولم يشأ أي منهما أن يشهد لخصمه بفضيلة الإيمان ويدين "إبليس" اللعين بل راح كل منهما يضرب في العمق ويجهز على صاحبه حتى الممات. وانتهى الحوار أخيرا ً بانتصار ساحق لـ(عاشق المختار الثقفي) وشيعته وخرج (أسد السنـَّة القرشي) ومن والاه من الجلسة وهم يتجرعون مرارة الهزيمة فلقد أوجعهم الطرف الآخر سبابا ً ولعنا ً هم وخلفاءهم الراشدين ومن رضي بذلك الفعل إلى يوم الدين بينما اكتفوا هم من الرد بلعن كبار (الآيات) من بلاد (الفرس) وبعض السباب الشخصي البذيء وكل ذلك لم يشف ِ غليلهم ولم يوجع الطرف الآخر كما أوجعهم، فلعنة واحدة تلقى على (أبي حفص) رضي الله عنه لا يعادلها عندهم لعن (الفرس) أجمعين فخرجوا من الجلسة وهم يحسون بالكثير من الغبن في تلك المعركة الخاسرة بينما انصرف (عاشق المختار الثقفي) وشيعته وفي قلوبهم سرورٌ لا يوصف بنصر الله المؤزر.
وبفرحتها تلك طلبته (زهرة) في مشاركة خاصة وهي تنوي السيطرة على مجريات الحوار تلك الليلة ولا تمنحه فرصة للتبشير بدينه الشيطاني فكتبت تقول:
- عن الإمام الصادق قال: من يضمن لي موت (عبد الله) أضمن له القائم "أي ظهور الإمام".
ثم اتبعتها بعبارة أخرى بعد أن انتظرت رده فلم يأتِ لعدة دقائق لتقول:
- وقال أيضا ً: إذا مات (عبد الله) لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم يتناه هذا الأمر دون صاحبكم إن شاء الله.
- مساء الخير. أهو الإمام (المهدي) الذي يملأ الأرض عدلا ً ؟
جاءها رده أخيرا ً بعد دقائق خالتها دهرا ً، لترد تحيته ثم تجري أصابعها على "الكيبورد" لتكتب في حماس قائلة:
- نعم. ولكن ألا تلاحظ أن ملك (الحجاز) الآن اسمه (عبد الله) ؟
- (الحجاز) ؟!
ادخل الشاب الكلمة متسائلا ً في دهشة متحفزة ثم لم يلبث أن فهم المراد فأسرع يطبع على الشاشة البلورية قوله:
- آهـ فهمت. يا للمصادفة العجيبة.
- لا . ليست هي مصادفة إنها العلامات. علامات ظهور الإمام (المهدي) روحي لتراب مقدمه فداء. اصبر قليلا ً وسترى.
- حاضر.
- وأن الرجل من (قم) قد خرج وبدا في إعداد الجيش والقنبلة النووية.
- نعم. لكن (إيران) تنكر ذلك. والوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تجد ما يدينها.
- نعم. لقد صرف الله كيدهم وأعمى أبصارهم عنها. وحقيقة أن جيش (المهدي) تكون بداية إعداده في المشرق مذكور عندكم في مسند (أحمد).
- عندنا ؟؟! من نحن ؟
- آسفة. أقصد السـُّنة.
- معقول؟
- طبعا ً. اصبر قليلاً. لا زالت العلامات تترى. إنها أكثر من عشرين بعضها علامات كبرى وأخرى صغرى ولكن سأختصرها وسأذكر ما لا شبهة في حدوثه.
- نعم.
- والخيل ربطت بفناء (الحيرة).
- أي خيل ؟ وأي (حيرة) أجلك الله ، لقد احترت يا عزيزتي.
لاحظت الفتاة أنه لأول مرة يناديها بعزيزتي. أحست ببعض السعادة وشيء من الذنب الغامض ثم عادت أصابعها لتجري على "الكيبورد" لترد بقولها:
- إنها القوات الأمريكية في (العراق) يا غبي.
لاحظ كلمة غبي لترتبك أصابعه على "الكيبورد" لأول مرة في غباء ظاهر. ولكنه لم يتخل َ عن مرحه الشيطاني فجرت أصابعه ليكتب:
- آه. فعلاً ولكنهم لم يكونوا يركبون الخيل كما شاهدت في التلفاز.
- لا يهم لقد دخلوا وتحققت العلامة. وأيضا ً انتشرت الزلازل والأعاصير والأمراض الفتاكة كالإيدز وسارس وغيرها وهي أيضا ً من العلامات.
انتظرته لدقائق وحين لم يرد واصلت ملاحظاتها لتكتب قائلة:
- والأهم من ذلك كله. سيطرة شيعة أمير المؤمنين على (العراق).
- وهل ورد ذلك عندكم؟!
- نعم. فهي من علامات الظهور. قوة عسكرية وإعلامية للإمام (عج). فعن (الصادق) هم قوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وتراً "أي عدواً" لآل محمد صلى الله عليه وآله إلا قتلوه.
- الله أكبر.
- لا تسخر.
جرت أصابعها بالعبارة أعلاه في عصبية ٍ وهي تكاد تصرخ فلقد كانت تعلم ما يمليه عليه دينه الشيطاني وإنه حتما ً لم يقتنع بقولها. ثم واصلت دون أن تنتظر رده لتكتب:
- قد تحققت أكثر العلامات وسيظهر قائم آل (محمد) عليه السلام قريبا ً.
- جميل. اللهم عجل فرجه الشريف حتى ينصفنا في (السودان).
- هل تسخر؟!!
- لا والله. كيف أفعل ذلك. وأهلي يؤمنون بظهور الامام (المهدي) الذي سيملأ لهم الأرض عدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجورا.
- لو شممت رائحة أي سخرية مرة أخرى فسأغادر.
- حاضر.
اجرى تلك الكلمة على الشاشة أمامه في استسلام وهو يزفر فلقد ضايقه لأول مرة تهديدها له بالمغادرة ولكنه كظم غيظه ليتابع ما تكتب فوجدها تقول:
- إن إمامنا غير إمامكم. وبالمناسبة قرأت أن أحدكم قد ادعى المهدية قديما ً.
- نعم. إنه الامام (محمد أحمد المهدي) السوداني عليه السلام. وقد اتبعه أهلي وجاهدوا معه في سبيل الله فلقد كانوا يعتقدون أن سنة 1880م هي آخر الزمان، وآخر الزمان هو موعد الظهور الشريف كما تعلمين.
ابتسم أمام الشاشة البللورية ساهم النظرات ويبدو أنه قد نسى تهديدها له بالمغادرة إذ جرت أصابعه على "الكيبورد" ليخاطبها بقوله:
-  يبدو أننا في "السودان" قد استنفذنا قوانا وفرصتنا في (مهدي) غير حقيقي فيا بشرى لكم معشر العراقيين..!
ليأتيه ردها الصاعق بعد ثوان ٍ يقول:
-       أراك تسخر من جديد. مع السلامة.
وقبل أن يرد الشاب أو يحتج كانت (زهرة) قد انهت الجلسة وأغلقت (اللاب توب) وهي تدعو على محاورها بكل ما يخاف ويحذر من عظيم الأمراض والشرور دون أن تعني ذلك في حقيقته.

الصفحات(61 - 66) من رواية (امرأة على قوقل بلس). (فبراير 2013م - يوليو 2013م).