التطليق للعيب أو المرض والتطليق للعنة :
ومن الأسباب التي تجوِّز للزوجة رفع دعواها طالبة التطليق من زوجها،
العيب والمرض المستحكم عقليا ً كان أم عضويا ً لا يرجى برؤه أو يرجى بعد مضي أكثر من سنة
ولا يمكنها المقام معه إلا بضرر. وهذا ما تحدده اللجنة الطبية التي يحال الزوج
إليها بغرض الكشف عليه. ولم يحدد المشرع نوع الأمراض التي تبيح ذلك ولم يحصرها
وبالتالي يصبح أي اعتلال جسماني أو نفسي يصيب الزوج سببا ً لرفع الدعوى ضده للمطالبة
بالتطليق.
وفي ظني أن هذه المادة ما هي إلا تشجيع على هشاشة العلاقة الزوجية وتحريض على الجحود والنكران وترسيخ للأنانية وتحطيم لكل القيم والمثل العليا التي يجب التمسك بها من جانب الشريكين لمواجهة الحياة، فهي تـُشهر في مواجهة شخص مريض وعاجز يحتاج لمن يرعاه ويعتني به ويسانده في مصابه وكان ملء السمع والبصر من قبل ، تكسر له النمارق ويمد له السماط. ونلاحظ أن الإيديولوجيا الدينية التي انتجت هذا النص وشجعت هذا السلوك تطالبنا في موضع آخر أن نبايع أمير المؤمنين على السمع والطاعة في المنشط والمكره وندافع عنه وعن نظامه بأنفسنا وأموالنا بل وأعراضنا كما جاء في أحد المذاهب !!!! وهو ما لم استطع فهمه إلى يومنا هذا (يعني باختصار نتمسك بيهو وبنظامو وامارتو ونبذل الغالي والنفيس في سبيل بقائه على الكرسي مهما فعل ومهما حدث له ومنه وبسببه حتى الموت. موتنا طبعا) فما بالك بعلاقتنا بزوجاتنا وأزواجنا ؟ إليس هي الأحق بمثل هذه البيعة المقدسة ؟! كيف وقد أفضى بعضنا إلى بعض وأخذن منا وأخذنا منهن ميثاقا غليظا ؟!
ولا أجد أية غرابة في
تطبيق مثل هذه النصوص قديما ً في مجتمع بدوي رعوي وبيئة صحراوية جافة قاحلة شحيحة في
جانبيها المادي والنفسي، تقوم العلاقات فيها على العائد المادي الملموس وينظر فيها
لعلاقة الزواج من زاوية حسابية كتبادل منافع أساسها الجسد، وإن شئنا الدقة علاقة أساسها الأعضاء
الجنسية فقط وليس الجسد كله، ولكن لا أفهم وجودها حتى يومنا هذا.
ونلاحظ أن مثل هذه الدعاوى جد شحيحة في محاكمنا أو معدومة وعدم وجود مثل
هذه الدعاوى في محاكمنا اليوم لهو أكبر دليل على أن (المجتمع في وادي والقانون في
وادي تاني) فوفقا ً للقيم السائدة نجد أن رفع مثل هذه الدعاوى جحود لا يليق (ببنات الناس). وكلنا نعلم أن الجميع يؤازر الزوج حال مرضه بما فيهم أهل زوجته. وهذه قيم يحق لنا أن نفخر بها كسودانيين. لكن المشرع يرى غير ما نرى وفات عليه أن مهمة
القانون ليس الفصل في الخصومات فقط بل فيه جانب تربوي أخلاقي يسعى إلى تهذيب النفس
والسمو بها فوق النواقص وترسيخ وتشجيع القيم النبيلة فوجود مثل هذه المواد يجعل نكران الجميل وعدم الوفاء
والتنكر للعشرة والعيش والملح حين المصائب ممارسة مقبولة وعادية جدا ً، ومثله الطلاق للعنة،
وهذه النظرة تتطابق مع فهم المشرع لعلاقة الزواج وتتطابق مع بقية مواد القانون إذ
سبق أن بينا في الحلقة الأولى بأنه حين تعريفه للزواج يحصره في (الاستمتاع).
ووفقا ً لهذه النظرة يصبح للأعضاء الجنسية وهي أداة الاستمتاع الذي يقصدون شأنا
عظيما عندهم ..!!!
والعنة هي عدم الانتصاب أو ضعفه بحيث يتعذر أقامة علاقة كاملة
وقد منح القانون الزوجة الحق في طلب التطليق بناء على هذا السبب في أي وقت ظهرت
فيه العنة سواء قبل العقد أو بعده وحتى لو رضيت بها بعض الوقت فيجوز لها الرجوع عن
هذا الرضا ورفع دعواها. وما تفعله المحكمة هو أن تحيل الزوج للكشف الطبي في كل
الأحوال. ويأتي تقرير اللجنة الطبية إما بثبوت العنة أو عدمه. وحين ثبوتها
هل هي قابلة للشفاء أم لا، وكم من الوقت يستغرق الشفاء التام. وينص القانون على أنه إذا كانت
مدة الشفاء أقل من سنة فلا تطلق بل يمهل الزوج حتى مرور سنة فإن شفي فلله الحمد يواصل
الزوجان حياتهما الزوجية في هناء وسرور (يا سلام ... بالبساطة دي ؟! ما شاء الله)!!!!!.
ولا
أدري كيف يتجاهل المشرع الشروخ العظيمة التي يسببها رفع مثل هذه الدعاوى بين الزوجين ونشر
غسيلهما أمام الملأ ويفترض أنه بمجرد اصلاح الآلة المعطلة لدى "البنشرجي" ستعود العلاقة
الزوجية (سمنة على عسل)، وأين الدعم والمؤازرة والمساندة التي يمليها قداسة
العلاقة والواجب والأخلاق. إن المشرع يتجاهل الجانب النفسي الذي هو أساس أي علاقة
روحية أو جسدية ويتعامل مع الأمر بميكانيكية يحسد عليها. ونصيحتي لأي زوج يواجه
دعوى تطليق لعيب أو مرض أو عنة أو خلافه أمام المحكمة لا سمح الله، هي أن يطلق تلك الزوجة قبل موعد
الجلسة بكل هدوء ويتبعها قائلا ً : (أمر الله ما عندنا فيه قول لكن الـ فيك
انعرفت).
ولنسترح مع الرائع (صلاح حاج سعيد) :
كان نفسى اقولك من زمان ،
بـ الكاتمو فى سرى ومكتــَّم
فى حشاي مدسوس سنين ..!
كان نفسى اقولك من زمان ْ ،
بـ الشايلو فى عينى معزَّه وفى القلب
ريدا ً يخاف الغربه والشوق والحنين
زاملنى زى خاطر الفرح
وكتين يقاسم الهم عزا
وكتين مدامعي تكون جزا
وتفتح مباهج الليل ظنون
كان نفسى اقولك من زمان
سطوة محاسنك عندى ما كـَسرة جفون
وكت العيون تعبرنى زى خاطر المسا
سطوة محاسنك ما الرخام الـ فى الحرير
وكت الثغير يفجعنى بى حرفا ً قسا
سطوة محاسنك عندى وكتين كبريائك ينهزم
لى طيبتى بى كلمة حنان
وكتين مشاعرك تنسجم فى عمرى
تنفح قلبى بى رعشة أمان
سطوة محاسنك عندى
بـ الكاتمو فى سرى ومكتــَّم
فى حشاي مدسوس سنين ..!
كان نفسى اقولك من زمان ْ ،
بـ الشايلو فى عينى معزَّه وفى القلب
ريدا ً يخاف الغربه والشوق والحنين
زاملنى زى خاطر الفرح
وكتين يقاسم الهم عزا
وكتين مدامعي تكون جزا
وتفتح مباهج الليل ظنون
كان نفسى اقولك من زمان
سطوة محاسنك عندى ما كـَسرة جفون
وكت العيون تعبرنى زى خاطر المسا
سطوة محاسنك ما الرخام الـ فى الحرير
وكت الثغير يفجعنى بى حرفا ً قسا
سطوة محاسنك عندى وكتين كبريائك ينهزم
لى طيبتى بى كلمة حنان
وكتين مشاعرك تنسجم فى عمرى
تنفح قلبى بى رعشة أمان
سطوة محاسنك عندى
وكتين شوقى يصبح فى هواك
ليل عـِـزة ما بتعرف هوان
كان نفسى اقولك من زمان
عينيك وحاتك غربتى وأهلى
وبلادى الـ فيها ضائع لى زمن
عينيك وحاتك شوقى لى زولا ً ولوف
من بعدو ساب عينى سِهـَن
وأنا كنت داير من زمان
أشرح حكايتى معاك إِلِـف
أحكيك وأزيد القول ولـِف
وأتمنى لو قلبك عـِرِف
كان نفسى اقولك من زمان
عينيك وحاتك غربتى وأهلى
وبلادى الـ فيها ضائع لى زمن
عينيك وحاتك شوقى لى زولا ً ولوف
من بعدو ساب عينى سِهـَن
وأنا كنت داير من زمان
أشرح حكايتى معاك إِلِـف
أحكيك وأزيد القول ولـِف
وأتمنى لو قلبك عـِرِف
كان من زمان
من قبل ما فى قلبى يتحكـَّر
زمان الفرقه فى جرح الأسى
من قبل ما حرف الحقيقه الحلوه يتبدل عسى
ويصبح أمانى كتيره فى خاطر الزمان
كان نفسى اقولك من زمان ..!
من قبل ما فى قلبى يتحكـَّر
زمان الفرقه فى جرح الأسى
من قبل ما حرف الحقيقه الحلوه يتبدل عسى
ويصبح أمانى كتيره فى خاطر الزمان
كان نفسى اقولك من زمان ..!
.......................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق