1
المجد لك ..!يا سيدي ،
يا أيها المغروس في دمنا نواةً ،
يا شعاعاً في جذور الروح ،
في إدراك ذاكرة الكبار القادمين ..!
المجد لك ..!
يا أول الآتين طوداً ،
من مناخ العتمة الممشوق فجراً ،
عند خاطرة السنين ..!
المجد لك ..!
سراً بقلب الدهر تحمله النجيمات الشواهد ،
نسمةً ذهبية الأطراف ، عذراء الجبين ..!
المجد لك ..!
لعروسك المخضرة الأطيار تعرج نحو عرشك
في براقٍ من سموق النفس
من دفء الهديل، الاصطفاء الحق والكأس المكين ..!
لتشفَّ ،
تمتزج البكارة في بكارة قدسك الأزلي
تطفح لجة الغيبوبة الكبرى فتورق تستكين ..!
المجد لك ..!
لجموع من وقفوا على باب الخلود تضرعاً
غسلوا دماملهم هناك بنفحة السر الثخين ..!
وتدافعوا للحَب يُنثر من جيوبك أنجماً
حملوا مناقير الهزال، أتوا إليك
ليمسحوا الآلام بالجذع العظيم ..!
المجد لك ..!
وأنت تبسط ساعديك فتنجلي حجبٌ
تدثِّر آهةً تحبو على ألق اليقين ..!
المجد لك ..!
المجد للمدن العناقيد التي نامت مدلاةً بخيط منك في عين الشريعة
والحقيقة مَهْمَهٌ يعشي عقول السالكين ..!
المجد لك ..!
2
آتٍ إليك مصفَّداً بك -
إن عين العشق تبصر ما وراء بصيرتي -
خبباً ... خبب ..!
هب لي رياحاً من رياحك
قطرةً من نبل قطرات تنوء بخمرة الوصل
المنمرق عند مرساة اللهب ..!
فطبول عشقك داخلي ترفضُّ
تزأر بالهيام سكينةٌ
ومدارك التلويح تفرغني شراراً
ارتمي شيئاً وينتفش الزغب ..!
المجد لك ..!متمدداً تحنو على ضعف القطار
عيونك الفرشاة قد صبغت خدود الأرضِ
أغنيةٌ على إيقاعها سكن التعب ..!
المجد لك ..!
3
وصحوتُ يوماً في حضور العشقِ
فالخطوات ولجت عقم نافذتي
لتحمل جبتي دفء البشارة ..!
كان النسيم الخصب مجمرةً
وبوح العود مشكاةً على درب الجسارة ..!
وتوهجت صور الستور بقبلتي ،
وتأرجحت سوق الغمام بحضرتي ،
وارتشفت الآذان مدلول الإشارة ..!
كانت الإقمار تخبو عند نافذتي ،
وتحبو صوب حنجرتي سرابيل الإمارة ..!
أنا لم أصدِّق إنما دفء المواجع في الدواخل قبةٌ
وأمام عرشك كانت الأرواح تشدو كالظلال المستثارة ..!
المجد لك ..!4
ووقفتُ خلف الحاجب النوري محروماً
تقيدني خطوط الآدمي وجيفة النفس الكليمة ..!
كانت على عينيَّ بعضٌ من غشاواتٍ قديمة ..!
رأيت منك مداركي ،
مقدار ما وصلت إليه سكينتي ،
من فوق هذي الدرجة المعصوبة العينين ، غبراء الشكيمة ..!
يا أيها الرمح الوريف ..!
يا طويلاً مثل سيف ..!
يا مبهراً كالذروة الأولى من الشبق الأليم ..!
يا آسراً كظلال نغم شاردٍ يعدو على الأزل القديم ..!
هب لي من الأنغام لوناً يصبغ الإنسان في نفسي ،
ويرفعني على جدث الأديم ..!
المجد لك ..!5
ألقيتُ رأسي، جبتي وتهالكي
في داخل الروح العظيمة
وأخذتُ أضرب في الستور واستغيث
"أكُرُّ" أرغي ، استغيث
لغةٌ كغير لغات أهل الأرض في غير المكان
كان الهيام يؤز خاصرتي ويفتضُّ الزمان
كنت مطروقاً بلمسات الشراب
يرنو إليَّ الوصل يسكنني ويعدو كالسراب
لا زلت مغترباً يقيدني حجاب
خذيني لديك ..!
شيئاً صغيراً منك ، فيك ، على يديك ..!
يا أيها النيل العظيم
دعني أنام على ضفائرك الطويلة
فمياهك القدسية الدفء تهدهدني
وتنفذ في مساماتي النحيلة
لأعود روحاً
أرتمي حجراً ، شعاعاً عند حضرتك الظليلة
أسير أرعد مثل ثورٍ هائجٍ
وأطير أبرق كابتسامة طفلةٍ تعدو كحيلة
أعود من نفسي ترافقني النجيمات الصقيلة
فمياهك العذراء تحقنني بإكسير السموق
أغوص أبحث فيك عنك وعن أصابعك النبيلة
حائراً أبداً أمام جلالك الأبدي
مبهوراً بقامتك الجليلة ..!
المجد لك..!
أبريل 1997م أم جر- بحر أبيض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق