إن الكمال في أحد أبعاده يعني السكون. فجوهر الحياة
هو النقص وما ينتج عنه من وعي وما يلزمه من حركة تكون في مجملها الحياة. الخوف، الألم،
الأمل، الدهشة، الترقب والانتظار، تخيلوا أن حياتكم قد خلت من هذه الأحاسيس، فرحة
اللقيا، ألم الفقدان، لذة الانتصار، مرارة الهزيمة، خوف الغد، ماذا بقي لكم من
حياة ؟!
تخيلوا أنكم خالدون الى أبد الآباد وأن
طلباتكم كلها مجابة ٌ بمجرد أن تخطر على بالكم. لا أمل، لا عمل، لا سعي، لا انتظار،
لا خوف، لا ترقب، لا سهاد، لا دموع. كل شيء حاضرٌ في خلودكم هذا، كل ما تجهدون أنفسكم
في الحصول عليه الآن لا يحتاج منكم سوى أن يخطر ببالكم، ماذا بقي منكم ؟! بل ما هي
أهمية وجودكم المادي والهدف منه ؟! ما هي الحكمة من هذا الوجود ؟! الزمن نفسه يصبح
بلا معنى، فأيامكم كلها متشابهة، بل هي يوم واحد يمتد الى مالا نهاية.
لا تلزموا السكون، تحركوا أيها الأعزاء، اصدروا
الكثير من الضجيج واعملوا من أجل أحلامكم. لقد منحنا الحياة لاستنفاذها لا توفيرها.
ثم تذكروا أن لا تضيقوا بتفاصيل حياتكم مهما بدت قاسية، إنها أنتم تلك التفاصيل. بدونها لا وجود لكم، لا
حياة، بل هو الموت.
الخرطوم - أكتوبر 2016