إن (صوت من العالـم الآخـر) هي القصـة الأخيـرة في مجموعة (همـس الجنون)
ولكن نـرى أن لا علاقة لها ببقيـة قصص المجموعة فأحداثها تـدور قبل الميلاد
وفي عالم الملكـوت كما أنها طرحت بعض الأسئلة الوجوديـة وحاولت الإجابة
عليها بينما عملت بقية قصص المجموعة على الاقتصادي الاجتماعي السياسي في
الثلث الأول من القرن الماضي وفي عالـم المُـلـْـك.
تلخيص القصة أن (توتي) كاتب الأمير الفرعوني يمـوت ومـن ثـم يتحرر روحـه لينطلق متنقلا ً في العالم ويرى فيحدثـنا بما يـرى. يقول (توتي) عن كيفية تنقـله:
(لم تحدث حركة في الواقـع وإنما كان يكفي أن يتجه فكـري إلى شيء حتى أجـده ماثـلا ً أمامي وصـار بصري شيئا ً عجيـبا ً لا يعصى أمـره شيء. صار قـوة ً خارقة ً تـشـق الحجب وتتخطى السدود وتنفـذ إلى الضمائر والأعماق) ص300.
إن هـذا الوصف يذكرنا بالآية الكريمة (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). صار (توتي) يرى عالمي الظاهر والباطن بلا حجاب. فماذا رأى؟! إن روح بكل هذه القدرات نتوقع منه الكثير المثير الخطر ولكن (محفوظ) يحبطنا. لقد رأى (توتي) ما يمكن أن نراه نحن أيضا ً دون أدنى مشقـة ودون الحاجة إلى كل تلك القـدرات الخـارقـة :(كذب ونفاق، خيانات، مؤامرات ودسائس ..إلخ). كما أنـه رأى زوجته تتـزوج في المستقبل وسـر لذلك وهذا ما يمكن أن نراه نحن أيضا ً ولكن لـن نسـر بـه بالتأكيد. كما أن (توتي) زعم أنه بقدرته الخارقة تلك اكتشف أسباب دكتاتورية بعض الحكام يقول :
(ثم وقع بصـري على الحاكم (تيتي) الذي اشتهر بالقسـوة والبطش فنظرت إليه بإمعان وسرعان ما تكشـف لي عن جسـم مهزول مريض الأعضاء يشكو مـرَّ الشكوى من أسنانه ومفاصله وكلما ألـح عليه الألم تمنى لو يستطيع بتـر الفاسـد من جسمه ولذلك تملكتـه فكرة البتـر فلا يتردد عن بتـر المعوج من رعاياه بعنف ٍ لا يعرف الرحمة). ص302.
كما أن الوزير (ميتا) الذي حارب فكرة الصلح مـع الحثيين بكل قواه وطالما حرض على القتال ورفض مبـدأ السلام يرى (توتي) من موقعه المميـز أن أمعاء الرجل هي السبب يقول:
(رأيت عقلا ً نيرا ً ولكن أمعاءه ضعيفة فستبقي فضلات الطعام طويلا ً فتـلوث دمه في دورته فيذهـب إلى عقـله فاسـدا ً ويغـشى نـور أفكاره حتى إذا خرجت من فمه كانت شرا ً كبيرا). ص 302.
بعد هذا التفسير الهائل لا تملك إلا أن تقهقـه. فهل كان (محفوظ) يسخر منا؟ لا أظـن ولكن المرعب أن (توتي) يجتر هذا الغثـاء من موقـع المطلق ، المالك عين الحقيقة مما تتضاءل معه أي محـاولة أخـرى للكشـف .
ويواصل (محفوظ) من موقع (توتي) المميز ليطرح هذا السؤال الخطير :
(قال (إخناتون) أن الرب هو (آتون) وقال (حار محب) أنه (آمون) وهناك قومٌ يعبدون (رع) فلماذا يتركنا الرب في شقاق). ص302.
إن هذا الشك هو بيت القصيد بل هو ما سعى إليه (محفوظ) منذ البداية. وتأتي الإجابة على السؤال حين يرغـب روح (توتي) عن مطالعـة الأفراد ليغيبـوا عـن بصره كأفـراد ويصيروا كتلة ً واحدة ملتحمة ثم يشع ظلامهم نـورا. يقـول (توتي) :
(ورأيت ذلك الظلام الشامـل يشـع نـورا ً شاملا ً، فـإن الأنوار الخافتـة المتهافتة التي تخفـق في كل مـخ ٍ على حـدا، ضعيفـة ٍ خابيـة ً، اتصلت ْ في المجموع الملتحم المتماسـك ولاحت نـورا ً قـويـا ً باهرا ً، رأيت ُ في لمعانها حقا ً بـاهرا ً وخيـرا ً صافيـا ً وجمالا مؤتلقا). ص303.
برافو ، أخيـراً استطاع (توتي) أن يستفيد من بصره العجيب.
تلخيص القصة أن (توتي) كاتب الأمير الفرعوني يمـوت ومـن ثـم يتحرر روحـه لينطلق متنقلا ً في العالم ويرى فيحدثـنا بما يـرى. يقول (توتي) عن كيفية تنقـله:
(لم تحدث حركة في الواقـع وإنما كان يكفي أن يتجه فكـري إلى شيء حتى أجـده ماثـلا ً أمامي وصـار بصري شيئا ً عجيـبا ً لا يعصى أمـره شيء. صار قـوة ً خارقة ً تـشـق الحجب وتتخطى السدود وتنفـذ إلى الضمائر والأعماق) ص300.
إن هـذا الوصف يذكرنا بالآية الكريمة (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد). صار (توتي) يرى عالمي الظاهر والباطن بلا حجاب. فماذا رأى؟! إن روح بكل هذه القدرات نتوقع منه الكثير المثير الخطر ولكن (محفوظ) يحبطنا. لقد رأى (توتي) ما يمكن أن نراه نحن أيضا ً دون أدنى مشقـة ودون الحاجة إلى كل تلك القـدرات الخـارقـة :(كذب ونفاق، خيانات، مؤامرات ودسائس ..إلخ). كما أنـه رأى زوجته تتـزوج في المستقبل وسـر لذلك وهذا ما يمكن أن نراه نحن أيضا ً ولكن لـن نسـر بـه بالتأكيد. كما أن (توتي) زعم أنه بقدرته الخارقة تلك اكتشف أسباب دكتاتورية بعض الحكام يقول :
(ثم وقع بصـري على الحاكم (تيتي) الذي اشتهر بالقسـوة والبطش فنظرت إليه بإمعان وسرعان ما تكشـف لي عن جسـم مهزول مريض الأعضاء يشكو مـرَّ الشكوى من أسنانه ومفاصله وكلما ألـح عليه الألم تمنى لو يستطيع بتـر الفاسـد من جسمه ولذلك تملكتـه فكرة البتـر فلا يتردد عن بتـر المعوج من رعاياه بعنف ٍ لا يعرف الرحمة). ص302.
كما أن الوزير (ميتا) الذي حارب فكرة الصلح مـع الحثيين بكل قواه وطالما حرض على القتال ورفض مبـدأ السلام يرى (توتي) من موقعه المميـز أن أمعاء الرجل هي السبب يقول:
(رأيت عقلا ً نيرا ً ولكن أمعاءه ضعيفة فستبقي فضلات الطعام طويلا ً فتـلوث دمه في دورته فيذهـب إلى عقـله فاسـدا ً ويغـشى نـور أفكاره حتى إذا خرجت من فمه كانت شرا ً كبيرا). ص 302.
بعد هذا التفسير الهائل لا تملك إلا أن تقهقـه. فهل كان (محفوظ) يسخر منا؟ لا أظـن ولكن المرعب أن (توتي) يجتر هذا الغثـاء من موقـع المطلق ، المالك عين الحقيقة مما تتضاءل معه أي محـاولة أخـرى للكشـف .
ويواصل (محفوظ) من موقع (توتي) المميز ليطرح هذا السؤال الخطير :
(قال (إخناتون) أن الرب هو (آتون) وقال (حار محب) أنه (آمون) وهناك قومٌ يعبدون (رع) فلماذا يتركنا الرب في شقاق). ص302.
إن هذا الشك هو بيت القصيد بل هو ما سعى إليه (محفوظ) منذ البداية. وتأتي الإجابة على السؤال حين يرغـب روح (توتي) عن مطالعـة الأفراد ليغيبـوا عـن بصره كأفـراد ويصيروا كتلة ً واحدة ملتحمة ثم يشع ظلامهم نـورا. يقـول (توتي) :
(ورأيت ذلك الظلام الشامـل يشـع نـورا ً شاملا ً، فـإن الأنوار الخافتـة المتهافتة التي تخفـق في كل مـخ ٍ على حـدا، ضعيفـة ٍ خابيـة ً، اتصلت ْ في المجموع الملتحم المتماسـك ولاحت نـورا ً قـويـا ً باهرا ً، رأيت ُ في لمعانها حقا ً بـاهرا ً وخيـرا ً صافيـا ً وجمالا مؤتلقا). ص303.
برافو ، أخيـراً استطاع (توتي) أن يستفيد من بصره العجيب.
ويواصل الرجل مستنتجا ً :
(أيقنت أن ذلك النـور الذي بهرني إن هو إلا نقطـة ٌ في السماء التي سأعـرج إليها). ص303.
(أيقنت أن ذلك النـور الذي بهرني إن هو إلا نقطـة ٌ في السماء التي سأعـرج إليها). ص303.