التسميات

الثلاثاء، 14 مايو 2013

من مذكرات رجل ٍ مثقوب الذاكرة والصدر

وكنت ُ إن أتى المسـَاء ،
ودائما ً ما يأتي َ المساء ُ باكرا ً، وبضع ُ ذكريات ْ،
تسير ُ في ركابه ِ الشحيح ِ بضع ُ ذكريات ْ،
تنير ُ بين لعنة ِ الميلاد ِ والممات ْ،
تلوح ُ مثل َ طائر ٍ يصف ُّ فوق جثة ِ القبطان ْ،
مرنـِّقـا ً وحوله النوارس ُ الحزينة ُ الجميلة ْ،
تنقـِّر ُ القلوب َ والأرواح ْ،
في بهجة ٍ على خطى الصباح ْ،
في متعة ٍ أليمة ْ،
وظـِل ُ مارد ٍ يمشي على خطا الهزيمة ْ،
كنت ُ إن أتى المساء ُ ذاك ،
مـن جلستي اليتيمة ْ،
أغوص ُ في نافذتي الحزينة ْ،
وحولي َ الأوراق ُ والأعقاب ْ،
وبعض ُ ذكريات ٍ من صبا يلوح ْ
كطائر ٍ يصف ُّ فوق َ جثة ِ القبطان ْ
وحولي َ الثقاب ُ ... والدخـَان ْ،
يلف ُّ مثل َ جنـِّي ٍ صغير ٍ ماكر ِ العيون ْ
يلف ُّ حول َ جثـتي، يدور ُ في جنـون ْ
ويتلف ُ الصدر َ ويملأ ُ القميص َ بالثقوب
فيزهر ُ الهواء ُ بالندوب ْ
وبضحكة ٍ ماكرة ِ الصفاء ْ،
يطير ُ عاليا ً مسافرا ً إلى السماء ْ
يحمل ُ في رحلته ِ أبدية ِ الشقاء ْ،
بعض َ روحي الخانقة ِ المتعبـَة ْ
وبضع َ ذكريات ْ
عن لعنة ِ الميلاد ِ والممات ْ ،
تقوده يقودها إلى سماء ِ الحزن ِ والفجيعة ْ ..!
وكنت ُ أحتضر ْ
محاولا ً أن أنتصر ْ
على الذي لا أفهمه ْ
لا أعرفه ْ
ولم أره ْ
لا أكرهه ْ
ولا أحبه ْ
ولا ... ولا ... ولا ..!  
وكم تمنيت ُ ... 
وكم ... وكم ْ
يا رفيقتي اشتهيت ُ
فعل َ أشياء ٍ يقول ُ الناس ُ أنها صغيرة ْ
يفعلها الجميع ُ دونما تساؤلات ْ
دون أن يراجعوا طبيبهم
أو يؤلموا حبيبهم
أو يزرعوا الأشواك َ في طريقهم
دون أن تعانق َ الحيرة ُ قلوبهم
مثل أن ْ: 
مع َ الصحاب ِ ألعب ُ الورق ْ
أو احتسي المرق ْ،
وأنت ِ جالسة ً قبالتي
في مطعم ٍ شرفاته ُ تغازل ُ الشفق ْ
على ليالي الحب ِ والنسيم ْ
وزرقة ِ السديم ْ ..!
أن أرفع َ "الجوال" أتصـِل ْ
وأهدي َ الحنين ْ
لأطمئن َ يا حبيبتي على الرفاق ِ الصالحين ْ
أو أحن َّ في المساء ِ المتعب ِ الحزين ْ،
لوجوه ِ بعض ِ الرائعين ْ،
الراحلين ْ،
في غابة ِ الموتى بلا أنيـن ْ ..!
أن أذهب َ لبيت ِ أختي َ الصغيرة ْ
أبارك ُ الوليدة َ الغريرة ْ
ويمتح ُ الفـؤاد ُ من ضحكاتها المنيرة ْ
دون أن يلوح َ في خيالي َ السقيـم ْ،
ما لاح َ من مصارع ِ النعيـم ْ ..!
أشتهي أشياء َ يا حبيبتي صغيـرة ْ
مثل َ متعة َ الخروج ِ في المساء ْ
أو الرحيل َ في عيون ِ عاشقة ْ ..!
أن أحتضن َ كفيك ْ
يهزني يؤزني الحنين ُ في عينيك ْ
أو أهدي يا أميرتي إليك ْ،
قصيـدة ً زاهية َ الفتنة ِ لامعة َ المرايـا
مما يقول ُ الناس ُ إنها ستفتـن ُ الصبايـا
قصيـدة ٌ تستنفر ُ اللهيب َ في يديك ْ
وتلمس ُ الحنين َ دافقا ً بحـُمـْر ِ وجنتيـك ْ
قصيـدة ٌ بها يضـج ُّ همـس ُ خافقيـك ْ
كنت ُ أعلم ُ دائما ً،
بأنك ِ تحبيـن َ كتابتي عن الذي لا أعرفه ْ،
من الحنين ِ والسفـر ْ
ولوعة ِ الفراق ِ إن خبا الزهـَر ْ
وزخة ِ الأشواق ِ حين َ يهطل ُ المطر ْ
هذا الذي لا أعرفه ْ
ونور ِ عينيك الذي لا أعرفه ْ
كنت ُ أعلم ُ كل َّ ذاك َ يا أميرة َ الزمان ْ
لكنني في غمرة ِ الهذيان ْ،
وذلك المساء ِ الخانق ِ الموتور ْ،
نسيت ُ كل َّ هذا ولم يبق سوى الدخـَان ْ
يلف ُّ حول جثـتي، يدور في جنـون ْ
ويتلف ُ الصدر َ ويملأ ُ القميص َ بالثقوب ْ
فيزهر ُ الهواء ُ بالندوب ْ
وبضحكة ٍ ماكرة ِ الصفاء ْ،
يطير ُ عاليا ً مسافرا ً إلى السماء ْ
يحمل ُ في رحلته ِ أبديـة ِ الشقاء ْ
بعض َ روحي الخانقة ِ المتعبة ْ
وبضع َ ذكريات ْ،
عن ألق ِ الميلاد ِ ووحشة ِ الممات ْ
تقوده، يقودها إلى سماء ِ الحزن ِ والفجيعة ْ ..!
يقول ُ جدي َ الصبـور ْ ،
وهو ممن يفهمون َ مثل َ هذه الأمور ْ
ويخبزون العشق َ في التنـُّور ْ
وكم بنى ، وكم بنى في قلبه كوخا ً من الحنين ِ والأشواق ْ
يقول ُ جدي َ الخبير ْ :
حين َ تعشـق ُ النساء ْ
يضوع ُ منهن َّ عطر ٌ هامس ٌ مثير ْ
يسيل ُ في الأرجاء ْ
يسير ُ خافتا ً منير ْ
يعانق ُ الدروب َ والسماء ْ
فلا يشمه ُ أحدٌ إلا عشـِق ْ
ولا يمر ُّ جنبه ُ إلا غـَرِق ْ
يشمـُّه ُ كل ُّ الذي علـِق ْ
عطر ٌ يلـَّون ُ الشفـق ْ
ويجعل ُ الأقمار َ تستحم ُّ في ألـق ْ ..!
لكني لا أشم ُّ هذا العطر َ يا أنيسة َ البـدور ْ
ولا أعي من النذور،
سوى الحنين ِ فارغ ِ القـدور ْ
سوى تساؤلات ِ ساكني القـُبور ْ
ولوعة ِ الميلاد ِ في البـذور ْ ..!
يقول ُ جدي َ الصبـور ْ :
حين َ يهمل ُ الرجال ُ ما يؤز في قلوب ُ العاشقات ِ من عطور ْ
فإنهم يهـْدون َ في غباء ٍ فاضح مبين ْ،
لمواكب ِ الضياع ِ والأنين ْ ،
زائرة ً جديدة ً تسامـر ُ الوجع ْ
فجيعة ً وليدة ً تعانق ُ الفزع ْ
لا تكسـروا القلوب ْ
لا توسعـوا الفتوق ْ
يقول جدي الصبـور ْ،
ذاك الذي في راحتيه تختبيء اليراعات ُ المنيرة ْ،
في قلبه ِ نور ٌ من الشباب ِ والفتوة ْ ،
وكانت له سبعون امرأة ْ،
أحبهن َّ جميعا ً ،
واخلص لهن َّ جميعا ً ... ودونما أرق ْ ،
ودون َ أن يسير َ في براحة ِ القلـق ْ،
ودون َ أن تركبـه الأحزان ُ في طبق ْ ،
أو يستحم َّ في الدخـَان والعـَرق ْ،
يقول ُ جـدي َ العجوز ْ:
يا معشر َ الشبـاب ْ
لا تتبعـوا نـوارس َ الغياب ْ
ولتركبوا مع الحبيبة ِ الجميلة ِ العبـاب ْ
نحو سماء الأمل ِ الرحيب ْ
لا تدَّخـر ْ ، بنـي َّ، نظرة ً قد تسعـد ُ الحبيب ْ
أو لمسة ً تزيـد ُ قلبه ُ وجيـب ْ
كونوا رجالا ً صالحين َ واسعدوا الحبيبة ْ
اهدوا عيونها الأمـان ْ
ونقـِّروا الكمـَان ْ
ولترقصوا ولترقصوا على خطـَى القلوب ْ
حيث ُ الحنين ُ دوحة ٌ ظليلة ْ
حيث ُ عيون امرأة ٍ عاشقة ٍ جميلة ْ
هـي الحقيقة ُ الوحيدة ُ النبيلة ْ
بل هي الحيـاة ْ
بكل ِّ عنفـوانِها، هي الحيـاة ْ 
والرجال ُ الأنقياء ْ،
قد خلقـوا ليتقنـوا العطـاء ْ ..!
هكذا يقول ُ جدي َ العجوز ُ إن أتى المساء ْ
لكنني أغوص ُ في نافذتي الحزينة
وحولي َ الأوراق ُ والأعقاب ْ
وبعض ُ ذكريات ٍ من صبا يلوح ْ،
كطائر ٍ يصف ُّ فوق َ جثة ِ القبطان ْ
وحولي َ الثقاب ُ ... والدخـَان ْ ،
يلف ُّ مثل َ جني ٍ صغير ٍ ماكر ِ العيون ْ
يلف ُّ حول َ جثتي، يـدور ُ في جنـون ْ
ويتلف ُ الصدر َ ويملأ ُ القميص َ بالثقوب ْ
فيزهر ُ الهواء ُ بالنـدوب ْ
وبضحكة ٍ ماكرة ِ الصفـاء ْ،
يطير ُ عاليا ً مسافرا ً إلى السماء ْ
يحمل ُ في رحلته ِ أبدية ِ الشقـاء ْ ،
بعض َ روحي الخانقة ِ المتعـَبة ْ ،
وبضع َ ذكرياتْ ،
عن ألق ِ الميلاد ِ ووحشة ِ الممات ْ
تقوده ُ ، يقودها إلى سماء ِ الحزن ِ والفجيعة ْ ..!
       الخرطوم مايو 2013م  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق